ماهو التنويم بالإيحاء ؟

كثير يتساءل عما هو الايحاء، أو كما يرغب العديد في تسميته « التنويم المغناطيسي » رغم أن لا تنويم فيه و لا مغناطيس !
‎حتى يتسنى فهم ماهيته للجميع بطريقة بسيطة ، سوف أقوم بطرح تعريفات متسلسلة يوميا و أفتح للجميع المجال لطرح تساؤلاته التي يسعدني الاجابة
عنها.




تنقسم نفسية الانسان الى ثلاثة أقسام :
٠ اللاشعور بنسبة 80% خزان الخبرات. هو أقدم مستوى نفسي
٠ الشعور بنسبة 20% مرتبط بالادراك و الحواس
نعتقد أننا بشعورنا، نحن من نسيّر حياتنا و لكن… هيهات !
٠ الوعي و هو مجال معلوماتي شاسع يحتوي الاثنين معا و هو أرقى مستوى نفسي.


اللاشعور يعتبر خزان المعلومات، أي أنه يحتوي ذكرياتنا، مكتسباتنا و قدراتنا. بمعنى اخر، هو من يسيّر كل ما عشناه بطريقة شعورية أو غير شعورية. كما أن جراحنا (نعم كل منا له جراحه الخاصة !) و خبراتنا الأليمة و أيضا معتقداتنا المتوارثة التي تعيق تقدّمنا، يتم إخفاءها على مستوى اللاشعور تحت حراسة الشعور الذي يمنع خروجها للسطح. غير أن ذلك لا يكفي لإلغاء مفعولها و آلامها، فتجد متنفسا لها في سلوك الشخص (إدمان، عنف…) أو في مشاعره (اكتئاب، قلق، خوف…) دون أن يعي سبب حالته تلك.


يأتي دور الايحاء في تقليص نشاط الشعور، ذلك الحارس المتشدد، بواسطة الكلام على شكل ايحاءات، بهدف خلق ثغرة يتم من خلالها الولوج الى اللاشعور و إجراء مفاوضات معه بغية تعديل السلوك غير المرغوب فيه أو تحرير الموارد الحبيسة و تشغيل محرك التغيير الايجابي.
الحالة التي يسعى المعالج الى الوصول إليها بواسطة الايحاءات و التي تمكننا من التحاور مع اللاشعور تسمى : « حالة متغيرة للوعي » و في الايحاء الانساني تدعى : « حالة الوعي الزائد ».

حالة متغيرة للوعي » ترى، ما المقصود بها!؟
لابد أنه قد سبق لك ان أعجبت بفلم تتابعه أو رواية تقرأها لدرجة أنك تهت في أحداثها و نسيت العالم من حولك، فلم تسمع و لم تلحظ فلان يناديك مثلا ! تلك هي الحالة المتغيرة للوعي، على نقيض « الحالة العادية للوعي » عندما نكون منتبهين و في حالة استعداد.
هل هي حالة غريبة أو غير مألوفة ؟ أكيد لا ! بل عكس ذلك تماما، هي حالة جدّ طبيعية و حتى، ضرورية، تعمل عمل صمام الامان لتفادي الضغوطات و التنفيس عنها.
أثناء الجلسة العلاجية، يعمل المعالِج على افتعال تلك الحالة الطبيعية من أجل العمل يدا بيد مع اللاشعور لصالح المعالَج الذي يتمتع حينها بمزايا الاسترخاء.

لكن ! ألم نتكلم عن « حالة الوعي الزائد » ؟ هل هي نفسها « حالة الوعي المتغير » ؟
نعم ! لكن بفارق بسيط. لكي يتسنى لنا فهم الموضوع بشكلٍ جلي، سوف نتحدث عن أنواع الايحاء كتقنية وهي اربعة، نطرحها بإيجاز من الاقدم الى الاحدث :
– الايحاء الكلاسيكي
– الايحاء الاريكسوني
– الايحاء الجديد
– الايحاء الانساني
الأنواع الثلاث الاولى تعتمد، للحصول على الحالة المتغيرة للوعي، على تقليص هذا الاخير فيشعر الشخص خلالها بنوع من فقدان السيطرة و يبدو له أنه « نام » خلال الجلسة.
أما في الايحاء الانساني، فيعمل المعالِج، بغرض الحصول على الحالة المتغيرة للوعي، على زيادة هذا الاخير و توسيع حيز انتباه الشخص. هذا ما نسميه بحالة الوعي الزائد.

إذا أردنا تلخيص ما سبق، الايحاء ظاهرة طبيعية نعيشها عدة مرات في اليوم، و هو يعتمد على جعل وعي الشخص ينقلب من عادي الى منخفض أو زائد، حيث يصبح العمل مع اللاشعور أو الوعي ممكنا و سهلا بهدف حل مشكلة الشخص أو تطوير إيجابياته و دعمها.
في الايحاء الانساني، و هو تخصصي المفضل رغم ممارستي لباقي أنواع الايحاء، يبقى الشخص في حالة يقظة و تحكّم تامّ، و يعمل بنفسه على معالجة مشكلاته و حلّها من خلال فك قيود موارد القوة لديه و تحريرها و مضاعفتها، كلّه، من خلال ما يسمى بالعلاج الرمزي.

تحدثنا سابقا عن العلاج الرمزي. فما هو يا ترى ؟
‎ذكرنا أن نفسية الانسان تتكون من ثلاث طبقات :
– اللاشعور
– الشعور
– الوعي.
هذا الاخير هو الذي يهمّنا في العلاج الرمزي. لغته (الوعي) تتمثل في لغة الاحلام، لغة القصص و الرموز. كما أن الوعي يشمل ملايير المعلومات الخاصة بنا و التي نعجز عن إدراكها بشعورنا البسيط، لذلك، نعمل خلال الجلسة العلاجية على زيادة شعور الشخص و توحيده باللاشعور حتى يصل الى طبقة الوعي المضاعف أو الزائد، أين يبحث بين ملايير المعلومات خاصّته عن سبب مشكلته، و الذي يقدّمه الوعي له على شكل رمز أو مجموعة رموز، يقوم حينها بتعديلها و تغيير تأثيرها فيه حتى يصل الى ذلك السلام الداخلي الذي جاءنا يبحث عنه. هذا النوع من العلاج يسمى العلاج الرمزي البسيط.
‎كما يوجد نوع اخر للعلاج يتمثل في العلاج الرمزي المتقدم، أين نتعامل مع الاركتيبات او النماذج الاصلية، و هي عبارة عن رموز أيضا، لكنها تعدّت حدود الفردية و دخلت في الجمعية و الشمولية، متّفق عليها عالميا. كمثال نذكر منها الطفل الداخلي، الانثى و الذكر الداخليين، الناقد و غيرها كثير. تلعب دور القناع الذي يجمع تحته كل جراحنا و ذكرياتنا الأليمة و التي نعمل على معالجتها و تغيير ادراكنا لها عبر العلاج الرمزي المتقدم.

Laisser un commentaire

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *